الأذان والإقامة على المذاهب الأربعة
تعريف الأذان
الأَذانُ
لُغةً: الإعلامُ، قال تعالى: «وأذان من
الله ورسوله» أي إعلام، وقال: «وأذن في الناس بالحج» أي أعلمهم
الأذانُ اصطِلاحًا: التعبُّد للهِ بذكرٍ
مخصوصٍ، بعدَ دخولِ وقتِ الصَّلاةِ؛ للإعلامِ بها. قال ربنا عزوجل «وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً
ولعباً»، وقال ﷺ: "إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم" [متفق عليه]
تشريع الأذان
شرع الأذان في عهد رسول الله ﷺ في السنة الأولى من
الهجرة في المدينة
لما قدم المدينة صعب على الناس معرفة أوقات
صلاته، فتشاوروا في أن ينصبوا علامة يعرفون بها وقت صلاة النبي ﷺ كيلا تفوتهم الجماعة، فأشار بعضهم بالناقوس،
فقال النبي ﷺ : "هو للنصارى" وأشار بعضهم بالبوق، فقال: "هو
لليهود"، وأشار بعضهم بالدف، فقال: "هو للروم" وأشار بعضهم بإيقاد
النار، فقال: "ذلك للمجوس"، واشار بعضهم بنصب راية، فإذا رآها الناس
أعلم بعضهم بعضاً، فلم يعجبه ﷺ ذلك، فلم
تتفق آراؤهم على شيء، فقام ﷺ مهتماً، فبات
عبد الله بن زيد مهتماً باهتمام رسول الله ﷺ، فرأى في نومه ملكاً علمه الأذان
والإقامة
فعن عبد الله بن زيد بن عبد ربه: لما أجمع
رسول الله ﷺ أن يضرب بالناقوس وهو له كاره لموافقته النصارى طاف بي من الليل طائف
وأنا نائم رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله قال فقلت: يا عبد الله أتبيع
الناقوس؟ قال وما تصنع به؟ قال قلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على خيرٍ
من ذلك فقلت: بلى. قال تقول: الله أكبر …. (إلى نهاية الأذان) قال: فلما أصبحت
أتيت رسول الله ﷺ فأخبرته بما رأيت فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه
ما رأيت فإنه أندى صوتاً منك قال فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال:
فسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول: والذي بعثك
بالحق لقد رأيت مثل الذي أري. فقال رسول الله ﷺ فلله الحمد. [رواه الترمذي وصححه
ابن خزيمة]
حكم الصلاة بغير أذان
تصحُّ الصلاةُ بغير أذانٍ ولا إقامةٍ، وهذا
باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة فعن الأسودِ وعَلقمةَ، قالَا: أتينا عبدَ
اللهِ بنَ مسعودٍ في دارِه، فقال: أَصَلَّى هؤلاءِ خَلفَكم؟ فقلنا: لا، قال:
فقُوموا فصلُّوا، فلمْ يأمرْنا بأذانٍ ولا إقامةٍ. [أخرجه مسلم]
وإذا اتَّفقَ أهلُ بلدٍ على ترْكِ الأذانِ، فإنَّهم يُقاتَلون وهذا من باب
التعزير، وليس من باب استباحة دِمائهم؛ ولهذا لا يُتَّبَع مُدبِرُهم، ولا يُجهَز
على جريحِهم، ولا يُغنَم لهم مالٌ، ولا تُسبَى لهم ذريَّة؛ لأنَّهم مسلمون، وهو
مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة، وقولُ بعضِ الشافعيَّة.
حكم الأذان
اتفق الأئمة على أن الأذان سنة مؤكدة: ما عدا
الحنابلة: فإنهم قالوا: إنه فرض كفاية بمعنى إذا أتى به أحد فقد سقط عن الباقين.
المالكية قالوا: الأذان سنة كفاية لجماعة
تنتظر أن يصلي معها غيرها بموضع جرت العادة باجتماع الناس فيه للصلاة، ولكل مسجد،
ولو تلاصقت المساجد أو كان بعضها فوق بعض، وإنما يؤذن للفريضة العينية في وقت
الاختيار ولو حكماً؛ كالمجموعة؛ تقديماً أو تأخيراً، فلا يؤذن للنافلة، ولا
للفائتة، ولا لفرض الكفاية، كالجنازة، ولا في الوقت الضروري، بل يكره في كل ذلك،
كمالا.
الشافعية قالوا: الأذان سنة كفاية للجماعة،
وسنة عين للمنفرد، إذا لم يسمع أذان غيره، فإن سمعه وذهب إليه وصلى مع الجماعة
أجزأه، وإن لم يذهب، أو ذهب ولم يصلِّ فإنه لم يجزئه ويسن للصلوات الخمس المفروضة
في السفر والحضر ولو كانت فائتة، فلو كان عليه فوائت كثيرة وأراد قضاءها على
التوالي يكفيه أن يؤذن أذاناً واحداً للأولى منها: فلا يسن الأذان لصلاة الجنازة،
ولا للصلاة المنذورة، ولا للنوافل، ومثل ذلك ما إذا أراد أن يجمع بين الظهر
والعصر، أو المغرب والعشاء في السفر، فإنه يصليهما بأذان واحد.
الحنفية قالوا: الأذان سنة مؤكدة على الكفاية
لأهل الحي الواحد، وهي كالواجب في لحوق الإثم لتاركها، وإنما يسن في الصلوات الخمس
المفروضة في السفر والحضر للمنفرد والجماعة أداء وقضاء إلا أنه لا يكره ترك الأذان
لمن يصلي في بيته في المصر، لأن أذان الحي يكفيه كما ذكر، فلا يسن لصلاة الجنازة
والعيدين والكسوف والاستسقاء والتراويح والسنن والرواتب؛ أما الوتر فلا يسن الأذان
له، وإن كان واجباً، اكتفاء بأذان العشاء على الصحيح.
فضل الأذان
يفر الشَّيطانِ عند سماعه فعن أبي هُرَيرةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ : «إذا نُودِيَ
للصَّلاةِ أَدْبَرَ الشيطانُ وله ضُراطٌ؛ حتى لا يَسمَعَ التأْذينَ»
والمؤذِّنونَ هم أطولُ النَّاسِ أعناقًا يومَ
القِيامةِ فعَن مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «المؤذِّنونَ
أطولُ الناسِ أعناقًا يومَ القِيامَةِ ».
ويُغفَرُ للمؤذن مدَى صوتِه، ويشْهَد له كلُّ
رَطْبٍ ويابسٍ وكلُّ مَن سمِعَ صوتَه من إنسٍ أو جِنٍّ فعن أبي هُريَرةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْه، عنِ النبيِّ ﷺ أنَّه قال: «المؤذِّنُ
يُغفَرُ له مدى صَوتِه ويَشهَدُ له كلُّ رَطبٍ ويابسٍ، وشاهِدُ الصَّلاةِ يُكتَبُ
له خمسٌ وعِشرونَ صلاةً، ويُكَفَّرُ عنه ما بينهما».
وعن عبدِ اللهِ بن عبد الرَّحمنِ بن أبي
صَعْصعَةَ، أنَّ أبا سعيدٍ الخدريَّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال له: إنِّي أراك تحبُّ
الغنمَ والباديةَ، فإذا كنتَ في غنمِكَ أو باديتِكَ، فأذَّنتَ للصَّلاةِ، فارفعْ
صوتَك بالنِّداء؛ فإنَّه: «لا يَسمَعُ مدَى صوتِ المؤذِّنِ جِنٌّ ولا
إنسٌ، ولا شيءٌ، إلَّا شهِدَ له يومَ القِيامَةِ»، قال أبو
سعيد: سمعتُه من رسولِ اللهِ ﷺ.
شروط المؤذن
يشترط في
المؤذن أن يكون مسلماً، فلا يصح من غيره، وأن يكون عاقلاً، فلا يصح من مجنون، أو
سكران؛ أو مغمى عليه، وأن يكون ذكراً، فلا يصح من أنثى أو خنثى، وهذه الشروط متفق
عليها ثلاثة من الأئمة
وخالف
الحنفية فقالوا: الشروط المذكورة في المؤذن ليست شروطاً لصحة الأذان، فيصح أذان
المرأة والخنثى والكافر والمجنون والسكران، ويرتفع الإثم عن أهل الحي بوقوعه من
أحد هؤلاء، غير أنه لا يصح الاعتماد على خير الكافر والفاسق والمجنون في دخول وقت
الصلاة، إذا يشترط في التصديق.
ولا يشترط في
المؤذن أن يكون بالغاً بل يصح أذان الصبي المميز، سواء أذن بنفسه أو اعتمد في
أذانه على مؤذن بالغ باتفاق ثلاثة من الأئمة، وخالف المالكية، فقالوا: يشترط في المؤذن أيضاً أن يكون بالغاً، فإذا أذن الصبي المميز فلا
يصح أذانه إلا إذا اعتمد فيه أو في دخول الوقت على بالغ. فيصح أن يكون عدل رواية؛
فلا يصح أذان الفاسق. إلا إذا اعتمد على أذان غيره
وقالوا: لا يصح
الأذان قبل دخول الوقت؛ ويحرم لما فيه من التلبيس على الناس إلا الصبح، فإنه يندب
أن يؤذن له في السدس الأخير من الليل لإيقاظ النائمين، ثم يعاد عند دخول وقته
استناناً.
ولا يشترط أن
يكون الأذان ساكن الجُمل، فلو قال: حي على الصلاة حي على الصلاة فإنه يصح عند الشافعية،
والحنفية؛ أما الحنابلة قالوا: يشترط في
الأذان أيضاً أن يكون ساكن الجُمل، فلو أعربه لا يصح إلا التكبير في أوله، فإسكانه
مندوب، والمالكية قالوا: يشترط أن يقف المؤذن على رأس كل جملة من جمل الأذان إلا
التكبير الأول، فإنه لا يشترط الوقوف عليه، بل يندب فقط، فلو قال: الله أكبر الله
أكبر؛ فإنه يصح مع مخالفة المندوب، ولكن يسن أن يقف على رأس كل جملة عندها.
ويقول المالكية: ويحرم أن يؤذن غير المؤذن
الراتب إلا بإذنه وإن صح إلا أن يخاف فوات وقت التأذين، فإذا حضر الراتب بعد ذلك
سن له إعادة الأذان.
ويشترط أيضاً لصحته ألا يكون ملحوناً يغير
المعنى، كأن يمد همزة "الله"، أو باء "أكبر"، فإن فعل مثل ذلك
لم يصح.
ورفع الصوت به ركن إلا إذا أذن لحاضر، فرفع
صوته بقدر ما يسمعه، ورفع الصوت على هذا الوجه متفق عليه بين الحنابلة والشافعية.
شروط الأذان
ما يستحب للمؤذن
معاني كلمات الأذان
قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى- وغيره:
"أعلم أن الأذان على قلّة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ
بالأكبرية، وهي تتضمّن وجود الله تعالى ووجوبه، وكماله، ثم ثنَّى بالتوحيد ونفي
الشريك بقوله أشهد أن لا إله إلا الله، ثم ثلّث بالشهادة برسالة رسوله ﷺ، ثم
ناداهم لما أراد من طاعته المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة، لأنها لا تعرف إلا من
جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم في الجنة، وفيه الإشارة إلى
المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيداً".
قوله: "الله أكبر": أي أكبر من
كلِّ شيء، أو أكبر من أن يُنسَبَ إليه مالا يليق بجلالِهِ، أو هو بمعنى كبير، غير
أنه لا يمكن ولا يجوز مقارنته بأحد.
وقوله: "أشهد أن لا إله إلا الله":
أي اعلم أنه لا معبود بحق إلا الله وأقر أنه هو وحده المستحق لذلك.
وقوله "أشهد أن محمداً رسول الله":
أشهد أن محمداً رسول الله حقّاً، فهو من جهة ليس إلهاً، وليست فيه أي صفة من صفات
الألوهية، ومن جهة ثانية: ليس كذاباً، ولا ساحِراً، ولا كاهناً، ولا مجنوناً،
فالذي يشترك فيه مع الناس هو البشرية، والذي يتميز به عنهم هو الوحي والنبوة، ما
قال سبحانه: {قُلْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ} [فصلت من
الآية:6]. وقد قامت على صدق نبوته دلائل كثيرة: فمنها صفاته، ومنها معجزاته، ومنها
نبوءاته، ومنها البشارات به في الكتب السابقة، ومنها ثمرات دعوته في الأرض، إلا أن
أعظم آية تشهد له بالنبوة هي القرآن الكريم، قال الله تعالى: {تَنزِيلٌ مِّن
رَّبِّ العَالَمِينَ} [الحاقة:43].
والشهادة لا تكون إلا على شيء رأيته بنفسك
وإلا تكن شهادة زور، ونحن لم نرى الله بأعيننا ولكن رأيناه بعقولنا والأدلة على
ذلك كثيرة، كما أننا لم نري الوحي يتنزل على رسول الله ﷺ كما رأه الصحابة ولكن
أخبرنا بأشياء حدثت وستحدث وقرآن باقي، ويكفينا أن أخبر الله أنه وأحد وأن محمد ﷺ رسوله، ونحن نصدق كلام
الله ورسوله أكثر من أعيننا.
وقوله: "حي على الصلاة": أي أقبلوا
إليها، أو أسرعوا.
وقوله: "وحي على الفلاح": الفوز
والبقاء؛ لأن المصلي يدخل الجنة إن شاء الله، فيبقى فيها ويُخلَّد، والدعوة إلى
الفلاح معناها: هلموا إلى سبب ذلك.
وختم بـ"لا إله إلا الله": ليختم
بالتوحيد وباسم الله تعالى، كما ابتدأ به.
ألفاظ الأذان والإقامة على المذاهب الأربعة
·
الأذان عند المالكية على
سبعة عشر كلمة
1-الله أكبر 2- الله أكبر 3- أشهد أن لا إله الله (بصوت خافت) 4- أشهد أن لا إله الله (بصوت خافت) 5- أشهد أن
محمد رسول الله (بصوت خافت) 6- أشهد أن محمد رسول الله(بصوت خافت) 7- أشهد أن لا إله الله (بصوت مرتفع) 8-
أشهد أن لا إله الله (بصوت مرتفع) 9- أشهد
أن محمد رسول الله(بصوت مرتفع) 10- أشهد
أن محمد رسول الله (بصوت مرتفع) 11- حي على الصلاة 12- حي على الصلاة 13- حي على الفلاح 14- حي على الفلاح 15- الله أكبر
16- الله أكبر 17- لا إله إلا الله
·
الإقامة عند المالكية
على عشر كلمات
1- الله أكبر 2- الله أكبر 3- أشهد أن لا إله الله 4- أشهد أن محمد رسول
الله 5- حي على الصلاة 6- حي على الفلاح 7- قد قامت الصلاة 8- الله أكبر 9- الله أكبر 10- لا إله إلا الله
·
الأذان عند الشافعية على
تسعة عشر كلمة
مثل أذان المالكية، ولكن التكبير يكون أربعا فنقول: 1- الله أكبر 2- الله أكبر
3- الله أكبر 4- الله أكبر 5- أشهد أن لا إله الله (بصوت خافت) 6- أشهد أن لا إله الله (بصوت خافت) 7- أشهد أن
محمد رسول الله (بصوت خافت) 8- أشهد أن محمد رسول الله(بصوت خافت) 9- أشهد أن لا إله الله (بصوت مرتفع) 10- أشهد أن لا إله الله (بصوت مرتفع) 11- أشهد أن محمد رسول الله(بصوت مرتفع) 12- أشهد أن محمد رسول الله (بصوت مرتفع) 13-
حي على الصلاة 14- حي على الصلاة 15- حي على الفلاح 16- حي على الفلاح 17- الله أكبر
18- الله أكبر 19- لا إله إلا الله
·
الإقامة عند الشافعية على
إحدى عشرة كلمة ووافقهم على هذا الحنابلة
مثل الإقامة عند المالكية ولكن نكرر قد قامن الصلاة فنقول: 1- الله
أكبر 2- الله أكبر 3- أشهد أن لا إله الله 4- أشهد أن محمد رسول
الله 5- حي على الصلاة 6- حي على الفلاح 7- قد قامت الصلاة 8- قد قامت الصلاة 9-الله أكبر 10- الله أكبر 11- لا إله إلا الله
·
الأذان عند الحنابلة
والأحناف على خمسة عشر كلمة
1- الله أكبر 2- الله أكبر 3- الله
أكبر 4- الله أكبر 5- أشهد أن لا إله إلا
الله 6- أشهد أن لا إله إلا الله 7- أشهد أن محمد رسول الله 8- أشهد أن محمد رسول الله 9- حي على الصلاة 10- حي على الصلاة 11- حي على الفلاح 12- حي على الفلاح 13- الله أكبر
14- الله أكبر 15- لا إله إلا الله
·
الإقامة عند الأحناف على
سبعة عشر كلمة
1-الله أكبر 2- الله أكبر 3- الله
أكبر 4- الله أكبر 5- أشهد أن لا إله إلا
الله 6- أشهد أن لا إله إلا الله 7- أشهد أن محمد رسول الله 8- أشهد أن محمد رسول الله 9- حي على الصلاة 10- حي على الصلاة 11- حي على الفلاح 12- حي على الفلاح 13- قد قامت الصلاة 14- قد قامت الصلاة 15- الله أكبر
16- الله أكبر 17- لا إله الله
مَن يسمع المؤذّن
مَن يسمع المؤذّن يقول مِثْل ما يقول المؤذّن،
إلاَّ في الحيعلتين: "حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح"، فإِنَّه يقول:
لا حول ولا قوّة إلاَّ بالله، كما في حديث أبي سعيد الخدريّ: «إِذا سمعتم النّداء،
فقولوا مِثل ما يقول المؤذّن» (أخرجه البخاري [611]).
وسبب الحوقلة هو أن الإنسان ليس بيده شيء بما
فيها التلبية والإقبال على الصلاة لنيل الفلاح إلا بحول الله وقوته وليس له من
الأمر شيء.
وبعد الانتهاء من الأذان يصلّي على النّبيّ ﷺ،
ثمَّ يسأل الله عزّ وجلّ له الوسيلة، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: أنَّه سمع
النّبيّ ﷺ يقول: «إِذا سمعتُم المؤذّن فقولوا مِثل ما يقول، ثمَّ صلّوا عليَّ،
فإِنَّه من صلّى عليَّ صلاةً صلّى الله عليه بها عشراً، ثمَّ سلوا الله لي
الوسيلة، فإِنّها منزلةٌ في الجنّة لا تنبغي إلاَّ لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن
أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلَّت له الشفاعة» (أخرجه مسلم [847]).
وعن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله ﷺ قال:
«من قال حين يسمع النّداء: اللهمّ ربّ هذه الدعوة التامّة والصلاة القائمة؛ آت
محمّداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعَدْته، حلّت له شفاعتي
يوم القيامة» (أخرجه البخاري [614]).
تنبيهات
·
للفجر أذانين وإقامة
الأذان الأول يكون قبل طلوع الفجر، ولا يدل
على دخول وقتها، والحكمة التي شرع لأجلها، بينها النبي ﷺ بقوله: لا يمنعن أحدكم أو
أحد منكم أذان بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن أو ينادي بليل؛ ليرجع قائمكم، ولينبه
نائمكم.... [متفق عليه]
أما الأذان الثاني، فيرفع عند دخول وقت
الفريضة، ويزاد في أذان الفجر بعد حي على الفلاح "الصلاة خير من النوم"
مرتين ندباً، ويكره ترك هذه الزيادة باتفاق.
·
إضافة جملة "صلوا في بيوتكم"
بعد انتشار فيروس كورونا وإغلاق المساجد صار
المؤذن يقول "صلوا في بيوتكم" وهي جملة ليست من ألفاظ الأذان فمن أراد
أن يقولها، فليقلها بعد قوله "حي على الفلاح"، أو بعد الفراغ من الأذان
وهذا أفضل.
جاء في الموطأ: أن ابن عمر أذّن في ليلة ذات
برد وريح، ثم قال: ألا صلوا في الرحال. قال الباجي: الأولى حمل هذا على أنه قالها
بعد كمال الأذان.
وقال المواق في التاج والإكليل: قال أبو عمر:
مذهب أبي حنيفة كمذهب مالك أنه لا يتكلم أثناء الأذان
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة،
في مسألة كلام المؤذن أثناء الأذان: إن كان لحاجة، مثل أن يرد على من سلم عليه، أو
يأمر بعض أهله بحاجة، أو يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر بكلام قليل، لم يكره؛ لما
ذكره الإمام أحمد عن سليمان بن صرد -وكانت له صحبة- أنه كان يأمر غلامه بالحاجة
وهو يؤذن.
وأمر ابن عباس مؤذنه أن يقول في يوم مطير بعد
قوله حي على الفلاح: "ألا صلوا في الرحال". متفق عليه.
هذا وإن أحسنت
فمن الله، وإن أسأت أو أخطأت فمن نفسي والشيطان
أسأل الله لنا
ولكم العلم النافع والعمل الصالح، ولا تنسوني وأهلي ومشايخي ومن لهم علي فضل من
صالح دعائكم
إعداد: محمد عبدالقادر خليف
المصادر
1.
لسان العرب لابن منظور
2.
الشرح الممتع لابن عثيمين
3.
حاشية ابن عابدين
4.
الشرح الكبير للدردير
5.
حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي
6.
التاج
والإكليل لأبو عبد الله المواق المالكي
7.
شرح عمدة
الأحكام لابن تيمية
8.
الإقناع للحجاوي
9.
كشاف القناع للبهوتي
10. المجموع للنووي
11. مغني المحتاج للشربيني
12. الموسوعة الفقهية موقع الدرر السنية
13. مجالس الموطأ للكملي
14. صحيح فقه السنة لأبو مالك كمال السيد سالم