مصطلح الإسلام الوسطي | في ميزان الشريعة

مصطلح الإسلام الوسطي | في ميزان الشريعة


الإسلام الوسطي هذه الكلمة لم تنتشر في الإعلام عبثاً ولم ينادي بها كبار الساسة لعباً ولكنها تحمل في طياتها خطة خبيثة لتفريغ الدين من مضمونه هذه الكلمة التي لم نعرفها في كلام السابقين ولا الملتزمين إنما عرفناها من كلام الخائنين والمنافقين فهي بدعة وكل بدعة ضلالة، ولو تأملنا في مضمون هذه الكلمة نجد أنها توحي إلى أن هناك إسلام متطرف، وإسلام مفرط، وإسلام بينهما وهو الوسطي كما يدعون، هم بذلك قسموا الإسلام الى ثلاثة وأتعجب أن هناك عقول تقرهم على ذلك، بعد أن سمعوا قوله تعالى" فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ " [1] وقال أيضا" وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لَّا يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ " [2] وقال أيضا " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)" [3] 

القضية محسومة إما اسلام وإما كفر"إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" [4]، لامجال لتقسيم الدين حتى يوافق هوى سلطان" وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [5] وقال أيضا "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَأوةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" [6]

ومن الغريب أن البعض يستدلون بقوله تعالى" وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وَسَطًا " [7] على قولهم بالإسلام الوسطي، ولكن هذا استدلال خاطئ يشير إلى اضمحلال ثقافتهم، وليس هذا المراد من الآية، ولكن الوسط هنا أي الخيار والأجود كما يقال قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي خيرها، وكان رسول الله-ﷺ - وسطا في قومه أي أشرفهم نسباً، وقال الإمام احمد: حدثنا أبو معاوية حدثنا الاعمش عن ابي صالح عن ابي سعيد الخدري عن النبي -ﷺ- في قوله تعالى "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وَسَطًا" قال: عدلا.[8]

قال الطبري -رحمه الله: "وأرى أن الله - تعالى ذكره - إنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين فلا هم أهل غلو فيه غلو النصارى الذين غلوا بالترهب وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه تقصير اليهود الذين بدلوا كتاب الله وقتلوا أنبياءهم وكذبوا على ربهم وكفروا به؛ ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحب الأمور إلى الله أوسطها. وأما التأويل فإنه جاء بأن الوسط العدل.
ولا أرى من كلام الإمام الطبري أي اشارة على وجود ما يسمى بالإسلام الوسطي وهو أيضا قال بان الوسط العدل فمن اين خرجتم لنا بهذا المصطلح؟؟
وعند النظر فيما يسمى بالإسلام الوسطي نجد أنه أقرب ما يكون من العلمانية فلا يوجد فيه رجم الزاني المحصن ولأجلد الزاني غير المحصن ولا قطع يد السارق ولا قتل القاتل ولا جلد شارب الخمر ولا شيء من أحكام الدين.

أما إسلامهم الوسطي فهو مقتصر بالعلاقة بين العبد وربه وهو غير مطبق خارج حدود المسجد، ولا ينبغي أن يكون الإسلام هكذا " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامة يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " [9].

ولا بد أننا سمعنا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار"، الذي جرى في الرياض وهو يرد على سؤال بشأن النهج الأكثر انفتاحا الذي تتخذه المملكة مؤخراً، حيث قال ابن سلمان: إن السعودية لم تكن كذلك قبل العام 1979م، السعودية والمنطقة كلها انتشر فيها مشروع صحوة بعد عام 1979م، لأسباب كثير ليس من مجال اليوم ذكرها، فنحن لم نكن بهذا الشكل في السابق، إننا فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام الوسطي المعتدل والمنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وجميع التقاليد والشعوب.

وقال أيضا: إن 70 % من الشعب السعودي هو أقل من 30 سنة، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أفكار متطرفة، سوف ندمر المتطرفين اليوم وفورا، نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة، ونتعايش مع العالم ونساهم في تنمية وطننا والعالم، وسوف نقضي على بقايا التطرف في القريب العاجل، ولا أعتقد أن هذا يشكل تحدٍ، فنحن نمثل القيم السمحة والمعتدلة والصحيحة، والحق معنا في كل ما نواجه.{انتهى كلام ابن سلمان}

نلاحظ من كلام ولي العهد انه بدأ حديثه بمهاجمة مشروع الصحوة الإسلامية وقال إنهم سبب في انتشار التطرف والإرهاب وأنه سيقضي على الصحوة بإعادة نشر الإسلام الوسطي التي كانت عليه السعودية [10] من قبل.

ولكن عندما ننظر إلى ولي العهد وهو يطبق الإسلام الوسطي الذي يزعمه نجد أنه اتخذ قرارات هدامة تحارب الإسلام صراحةً وتحمل في طياتها محاولة تمييع الدين، ومن أمثال هذه القرارات

  • تحجيم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك بإلغاء السُلطة الممنوح لها بمطاردة وإلقاء القبض على الأشخاص المخالفين 
  • انهاء مشروع الصحوة الإسلامية الذي يقوم على منع الاختلاط واعتماد الثقافة الإسلامية كاللباس والمصطلحات، والرقابة على وسائل الإعلام، والالتزام بالقيم والاخلاق من منظور الدين الإسلامي. 
  • انشاء الهيئة العامة للترفيه التي تسعى لتنظيم حفلات الغناء 
  • إباحة الاختلاط بين الذكور والإناث 
  • إنشاء صالات الديسكو 
  • منح الترخيص لفتح دور للسينما التي تبث الافلام الخليعة والمفسدة للمجتمع 
  • حبس علماء الدين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسعون لتصحيح مسار المجتمع

والسؤال هنا هل هذا ما يأمر به الإسلام؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] - سورة: يونس (32)

[2] - سورة: يونس (40)

[3] - سورة: الكافرون

[4] - سورة: آل عمران (19)

[5] - سورة: القصص (50)

[6] - سورة: الجاثية (23)

[7] - سورة: البقرة (143)

[8] - تفسير بن كثير (المجلد الاول ) تفسير قوله تعالى (وكذلك جعلناكم امة وسطا...)

[9] - سورة: البقرة (85)

[10] - بالرغم من ان السعودية اسم مشتق من آل سعود، العائلة الحاكمة  هناك، والاصح ان نقول الحجاز  كما سماها نبينا - صلى الله عليه وسلم - والسلف ، ولكن دعنا نجاريهم.

مرحباً بكم أنا محمد عبدالقادر باحث في كلية الدرسات العليا جامعة الأزهر بالقاهرة، درست علم نفس، و تاريخ، ومنطق قديم ، وفلسفة ،وشاركت في دورات تأسيس الوعي الإسلامي، ودرست الملل والنحل والرد على الشبها…

إرسال تعليق