الحرب على الأخلاق

 الحرب على الأخلاق 

الحرب على الاخلاق


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد: 

إن الغاية من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الوصول بالفضيلة إلى تمامها ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). 

ولقد كان العرب قديما أصحاب أخلاق راقية ، ومن حفظ العهد ، والتورع عن الكذب ، وحماية المستجير بهم ، وإكرام الضيف ، وعدم تتبع عورات الناس ، والدفاع عن أعراض والمقدسات. ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتما بتوحيد الله ، وحد الحدود ، وفرض الفرائض، وسار على دربه أصحابه وأتباعه ، بدون إفراطٍ والا تفريط، فكا نتاج ذلك الفتوحات الإسلامية ، وقد حدَّثَنا التاريخ أن الشرق الأقصى ممثَّلاً اليوم في إندونيسيا والفلبين وماليزيا، لم يعتنقْ أهلُها الإسلام بفصاحة الدعاة، ولا بسيف الغزاة، بل بأخلاقِ التجَّار المسلمين وسلوكِهم ، وذلك لما تعاملوا معهم بالصدق والأمانة والعدل والسماحة. 

وقد حذر القران الكريم من التعدي على شرع الله ، قال ربنا عز وجل "وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" وقال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" وقال "وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" 

كما حثنا القران الكريم على مكارم الأخلاق وبين أن الأنبياء أمروا بها من قبل، حيث قال "قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (17) إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ (19)" 

وقد وروى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قالوا: يا رسول الله، أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: ((مَن سلِم المسلمون مِن لسانه ويده))؛ (البخاري حديث 11 / مسلم حديث 66). 

وروى أبو داودَ، عن أبي برزةَ الأسلميِّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشَر مَن آمَن بلسانه ولم يدخُلِ الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عَوْراتهم؛ فإنه مَن اتبع عَوْراتهم يتبع الله عورته، ومَن يتبع الله عورته يفضَحْه في بيته))؛ (حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4083). 

لما علم أعداء الله أعداء الله المحتلين قيمة الأخلاق حاربوها بكل الطرق ، فالحملة الفرنسية لما جاءت لاحتلال مصر أول ما فعلوه هو إطلاق الفتيات الجميلات في شوارع القاهرة لا يكتسون إلا ما يوري صدورهم وفروجهم ، وكذلك الحملة الإنجليزية أنشأت أماكن للدعارة والاختلاط المحرم ، ويسرة سبل الوصول إلى الفاحشة ، وقد بدأوا بالأطفال حتى يربوا النشأ الجديد على الفجور. 

أردت أن تعلموا أن طريق الإصلاح ليس سهل وخصوصا إن كنت تبغي إصلاح عادة سيئة ورثها أبناء المجتمع فإنك سوف تمر بمحن قد تترك بيتك وتنام في الطريق أو الأماكن المهجورة، قد تفقد مالك، قد تفقد أولادك، وأسرتك بل حتى قد تفقد وطنك وروحك، قد تعاني أشد أنواع البطش والعذاب في الدنيا، لا أقول هذا الكلام على سبيل التنجيم أو الظن بل هو واقع سمعناه وعايشناه ، فعيسي عليه السلام كان ينام في البرية فرارا من بني إسرائيل، وسيدنا صهيب بن سنان الرومي فقد ماله وهو مهاجر الى الرسول ﷺ في المدينة ،  أما مثال من فقد أسرته عمار بن ياسر - رضي الله عنهما- ، وقد فقد النبي ﷺ وطنه وهاجر إلى المدينة، وأما إذا ذكر التنكيل والعذاب فيتجلى لنا نجم سيدنا بلال رضى الله عنه.
مرحباً بكم أنا محمد عبدالقادر باحث في كلية الدرسات العليا جامعة الأزهر بالقاهرة، درست علم نفس، و تاريخ، ومنطق قديم ، وفلسفة ،وشاركت في دورات تأسيس الوعي الإسلامي، ودرست الملل والنحل والرد على الشبها…

إرسال تعليق