زكاة الفطر
حكمها اختلف الفقهاء في حكم زكاة الفطر:
- منهم من قال: هي سنة (هذا مذهب الظاهرية وبعض المالكية) وقالوا: إنها قد شرعت لتعالج أمرين مهمين، فهي كما قال ابن عباس: طعمة للمساكين، ومطهرة للصائم من اللغو والرفث. فهدف يخص الصائم، من علاج ما يقع منه من تقصير في عبادته، كشأن السنن والنوافل في الصلوات، شرعها الإسلام لتكون جوآبر لأي تقصير يقع منه في الصلاة. وكذلك زكاة الفطر فهي علاج لما عسى أن يقع من الصائم من لغو، أو تقصير.
- ومنهم من قال: هي فرض (هذا قول جمهور العلماء ، وهو الراجح) لأن حديث بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم [عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فرض رسولُ الله زكاة الفطر, صاعًا من تمرٍ, أو صاعًا من شعيرٍ، على العبد والحرِّ, والذكر والأنثى، والصَّغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة". ]
- وقال الحنفية وآجب وهذا على مذهبهم لأنهم يفرقون بين الفرض والوآجب ([الفرض ما وجب بدليل قاطعي]، [والواجب ما وجب بدليل ظني])
مما تخرج ، وهل القيمة تجزء؟
وهي تكون من طعام والمقصود به المقتات الذي يأكله الناس ، واختلف هل
هي على غالب قوت البلد أو قوت الإنسان إن لم يكن بخيلا
ذهب الجمهور في أن القيمة لا تجزء ، وذهب
الحنفية وأشهب من المالكية ، وكذلك الإمام البخاري إلى إجزاء القيمة (أن يدفع
الإنسان ثمن القمح أو ثمن التمر أو ثمن الأرز) وأن ذلك مجزئ عنه ، والجمهور على أنه
لا يجزئ
واختار بن الحاج من المالكية أنه إذا كان
الفقير أحوج إلى النقود فإنه له أفضل ؛ لأن المقصود سد حاجة الفقراء ومنعهم من
التطواف يوم العيد وإدخال السرور عليهم.
وهذا الحكم تعللي ولذلك يمكن أن يختلف الحال
باختلاف الأوقات واختلاف البلدان ، والأمر فيه سعة ولله الحمد فالذين يرون أن
القيمة لا يجزئ إخراجها في الزكاة الواجبة (زكاة المال) يرون أيضا أنها لا تخرج في
زكاة الفطر وإنما يخرج فيها الطعام ، ولكن زكاة الفطر أسهل من زكاة المال فإخراج
قيمتها وبالأخص لحاجة الفقراء في هذا الزمان ، وأن الواجب هو إخراج الحب.
واختلف أيضا في إخراج الطحين (الدقيق أو
السويق) فقد رأى بعض أه العلم إجزائه وأنها تخرج منه ، وهل المطلوب من صاع أو منابه
(قدر ما ينوبه أو يكفيه مقابل الصاع) ، وكل ذلك يدل والحمد لله أن الأمر ميسر وسهل.
وزكاة الفطر إذا اخرجها الإنسان يمكن أن يدفع زكاة أسرة كامله إلى فقير واحد ، وقال طائفة أن من أخذ زكاة فطر واحدا من الفقراء (وكان الآخذ الفقراء) فلا يعطى غيرها ، والراجح أنه لا مانع من أن يأخذ الفقير الواحد زكاة فطر أكثر من شخص ، والراجح جوز إخراجها من بلد إلى بلد إذا كانوا أحوج وأفقر ، وإذا نقلت فحين إذا يترجح إخراج القيمة نقود فمثل من كان في بلد غني وأراد أن يخرج زكاة الفطر لأهل غزة أو فلسطين عموما أو البلدان التي انتشر فيها الفقر كحال أهل اليمن قحين إذا ينقلونها مالا وتكون القيمة المعتبرة للصاع إنما هي بقيمة البلد الذي يسكنون فيه ويعيشون فيه (قيمة الصاع في بلد من يخرجون الزكاة) ويجوز التوكيل على إخراجها وهو أفضل فقد كان الناس يأتون بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك لضبط أحوال الفقراء وحتي لا يخص كل إنسان أقاربه ويبقى من سواهم
قدرها
صاع وهي من المكيلات (الصاع من المكيلات وليس من الموزونات فالصاع من
التمر يختلف وزنه عن الصاع من القمح وهكذا ، وزن الصاع مختلف فيه رأى مالك وأهل
المدينة أنه خمسة أرطال وثلث بالعراقي ، وذهب أبو حنيفة أن ثمانية أرطال)، وتخرج
من القمح والسُّلْت (السُّلْتُ
: ضربٌ من الشعير ليس له قشر يشبه الحنطة، يكون بالغور والحجاز.)
والشعير والتمر والزبيب والأقط (الأقط وهو اللبن المجفف) وفيه خلاف بين أهل العلم فمنهم
من رأى أنها يخرجها أهل البادية الذين يعتمدون عليه في تغذيتم [عن الحنفية أنها لا
تخرج من الأقط لأنه ليس مقتاتا])، وذهب جمهور أه العلم أنها تخرج أيضا من الأرز
والذرة وما يشبه ذلك من المقتاتات ولم يرى أشهب من المالكية جواز ذلك ورأى أنها
مقتصرة على الأشياء الستة المذكورة أولاً
واختلف أيضا في القدر المخرج بحسب نوع ما
يخرج منه ، فلا خلاف في أن
الشعير والتمر يخرج منهما صاع كامل ، الخلاف في القمح والزبيب فيقل يخرب منهما نصف
صاع ، وقد أخذ بذلك عدد من الصحابة والتابعين ، ولكن الاحتياط أن يخرج الانسان
صاعا كاملا ؛ لأنه الذي ثبت عن رسول الله مرفوعا
وهي واجبة على كل من يملك قوت يومه زائدا على قدرها هي فلو أن إنسانا لا يملك إلا ما يقتات به أو زكاة فطره فلا تجب عليه، واختلف في القدر الذي يسقطها من الفقر فقيل من لا يملك قوت يومه ، وقيل من لا يملك قوت اسبوعه ، وقيل من يجوز له أخذها لا تجب عليه ، وعموما يخرجها المسلم عن نفسه ومن يمونه ومن تجب عليه نفقته، ورأى أبو حنيفة أن المرأة تخرجها عن نفسها لا يخرجه عنها زوجها ، والأولاد الصغار إذا كانوا أغنياء تخرج من أموالهم ، ورأى محمد بن الحسن أنها تجب على أبيهم مطلقا ، وهي واجبة على والد الصغير فإن لم يكن له والد فلا تجب عليه ولا تأخذ من ماله
تجب زكاة الفطر
على كل مسلم لديه ما يزيد عن قوته وقوت أولاده وعن حاجاته في يوم العيد وليلته، كما يُلزم المسلم بإخراج زكاة الفطر عن نفسه وزوجته وأولاده، ويُستحب إخراج زكاة الفطر عن الجنين الذي أتم أربعين يوماً في بطن أمه، أي نُفخت فيه الروح.
لمن تجب زكاة الفطر
تُصرف صدقة الفطر للمساكين والفقراء والمحتاجين لما ورد في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: "أغنوهم عن الطواف هذا اليوم"
قال الدكتور يوسف القرضاوي "تقديم الفقراء على غيرهم إلا لحاجة ومصلحة إسلامية معتبرة"
واختلف في وقت وجوبها
فذهبة طائفة من أهل العلم أن وقت وجوبها غروب
شمس آخر يوم من رمضان ؛ وذلك أن في الحديث زَكَاةَ الْفِطْرِ
مِنْ رَمَضَانَ (عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ
ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ
عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ".) ونسبها إلى رمضان
وقالت طائفة أخرى وقت وجوبها هو طلوع الفجر من يوم العيد ، وذلك أن الفطر
المعتبر إنما هو الفطر في النهار فالليل ليس وقت للصوم أصلا
وقالت طائفة أخري بل وقت وجوبها هو وقت إخراجها وهو وقت ما بين صلاة الفجر
وصلاة العيد
وتظهر ثمرة الخلاف في أن من مات ليلة العيد أو فجر العيد أومن ولد له مولود
فجر يوم العيد أو من تزوج أو طلق فإذا كان وقت الوجوب عن غروب الشمس من أول يوم من
رمضان فإن إخراجها عمان كان في هذ الوقت موجودا أو من كان مولودا أو من تجدد
كالزوجة الجديدة ، وإذا كان وقت الوجوب هو طلوع فجر يوم العيد فلا يجب إخراجها عن
من مات ليلة العيد أو المرأة التي طلقت ليلة العيد ويجب إخراجها على الولد الذي
ولد ليلة العيد أو المرأة التي تزوج بها ليلة العيد