محمد عبدالقادر خليف | المسيحية الحق | دعوة المسيح إلى التوحيد

دعوة المسيح عليه السلام إلى التوحيد ، من أين جاء الانحراف عن التوحيد ، أهل الإنصاف من النصارى

المسيحية الحق | دعوة المسيح إلى التوحيد 

المسيحية الحق، دعوة المسيح إلى التوحيد، النصرانية، الثالوث المقدس

محتويات المقالة 
  • دعوة المسيح عليه السلام إلى التوحيد
  • عيسى عليه السلام رسول
  1. لماذا نقول إن عيسى رسول وليس إله
  2. من القران 
  3. من الإنجيل 
  4. من المعقول 
  • إذا فمن أين جاء الانحراف عن التوحيد؟
  • أهل الإنصاف من النصارى
  • رسالة لأهل الكتاب

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سلك دربهم إلى يوم الدين ، وبعد.

أنا لا أُلزم النصارى باعتقاد ما أكتبه، وقد أوجزت على قدر المستطاع حتى يتضح المراد بأقل الكلمات ، وأطلب من أهل الكتاب التجرد للحق (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ) ، وهذا الذي أكتبه يصل إليه الباحث عن الحق ، ولا أطلب إلا التجرد في البحث ، وغايتي في ذلك إنقاذ الأنفس من النار وإرشادهم إلى الدين الحق، ولا يغيب عن ناظري قول رسول الله ﷺ : "فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم" [متفقٌ عليهِ].

دعوة المسيح عليه السلام إلى التوحيد 

قال ربنا عز وجل لعيسى عليه السلام (أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة:(116،117)].

ولقد جاء اعتراف عيسى بالوحدانية في مواضع كثيرة من الإنجيل ومثال على ذلك ما جاء في إنجيل مرقس: (فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون، فلما رأى أنه أجابهم حسنا، سأله: أية وصية هي أول الكل (29) فأجابه يسوع: إن أول كل الوصايا هي: اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد ... فقال له الكاتب: جيدا يا معلم. بالحق قلت، لأنه الله واحد وليس آخر سواه) [إنجيل مرقس الإصحاح الثاني عشر].

والعقل الصحيح يقول أن الله إله واحد ، فلا فائدة من تعدد الألوهة إذا كان الواحد قادر على فعل كل شيء، لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.

عيسى عليه السلام رسول

لماذا نقول: إن عيسى رسول وليس إله 

أولاً: يجب أن نعرف الرسول ، والمعجزة. 
الرسول : هو رجل ادعى أن الله أرسله للناس برسالة يجب عليه أن يبلغها ، وأعطاه الله معجزات تصديقاً له في دعواه.
المعجزة : هي شيء خارق للعادة يظهره الله على يد مدعي النبوة تصديقا له في دعواه ، ولا يمكن أن تتكرر. 

ثانياً: هل كل من يدعي الرسالة نقول أنه رسول ؟ بالطبع لا ؛ وإلا لكثر الكذابون المدعين للنبوة، ولكن لابد أن يأتي بمعجزة مصدقة لكلامه، وقد ادعي عيسى عليه السلام النبوة وصدق عليها بالمعجزات مثل إحياء الموتى ، وإخبار الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ... الخ. 

ولم يدعي عيسى عليه السلام الألهية إطلاقا ، والأدلة التي جاءوا بها كلها مردود عليها ، ولا تصلح واحدة منها للاستدلال.

من القرآن

«وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ» [المائدة: (111)] ، «قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا» [ المائدة: (30)]

من الإنجيل

قال الاعمى عندما سئل عن عيسى عليه السلام لما شفاه من مرضه بإذن الله «مَاذَا تَقُولُ أَنْتَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟» فَقَالَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ!» [إنجيل يوحنا 9: 17].

قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! [إنجيل يوحنا 4: (19)] 

قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ ... «لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي، بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي» [إنجيل يوحنا 8: (30- 42)].

من المعقول 

لا يمكن لعيسى عليه السلام أن يكون إله؛ فالإله لا يأكل ولا يولد ولا يماثل المخلوقات ؛ لأنه منزه عن الاحتياج ، وعيسى عليه السلام كان يأكل ويشرب وهو ابن مريم عليها السلام، وكان يهرب من بني إسرائيل حفاظا على نفسه. 

وإذا كان عيسى إله فمن كان يتولى شؤون العباد قبل أن يوجد؟ وما الفائدة من وجود إله ثاني إذا كان إله واحد يستطيع تدبير شؤون المخلوقات؟ وإذا كان الأب إله ، والإبن إله ، وروح القدس إله فمن فيهم ينفذ قوله إذا اختلفوا ، وإذا اتفقوا فما الفائدة من تعدد الآلهة.

إذا فمن أين جاء الانحراف عن التوحيد؟ 

لقد كان النصارى على كلمة واحدة يعتقدون أن المسيح عليه السلام عبدالله ونبيه وأنه ليس له أب ، ولما دخل الوثنيين من اليونان ومصر وروما النصرانية أدخلوا فلسفاتهم وعاداتهم في الديانة وامتزجت النصرانية بخرافاتهم وبدأوا بالاختلاف في شخص المسيح نفسه على أقسام : 
  1. فمنهم من قال إنه رسول من عند الله ؛ لأن عيسى أخبرهم بذلك 
  2. ومنهم من قال إنه أعظم من ذلك وهو أعظم من جبريل عليه السلام ؛ لأنهم يحبونه أكثر من جبريل 
  3. ومنهم من قال إنه ابن الله إلا أنه مخلوق وحادث ؛ لأنه خلق من غير أب ولكنه متولد من مريم وهي مخلوقة 
  4. ومنهم من قال إنه ابن الله وله صفة القدم كما هي لله ؛ لأنه ولد من غير أب فيكون أباه هو الله ويأخذ صفاته أبيه 
ولم تكن هذه الخلاف جلية في حقبة الاضطهادات الرومانية ، لأنهم شغلوا بدفع الأذى ، ورد البلاء واستقبال المحن والكوارث ، وكانوا يستسرون بدينهم ولا يظهرونه ، فلما رزقوا الأمان ظهرة الخلافات الكامنة. [دروس في الديانات السماوية (ص238)].

وأنا على يقين أن من أفسد النصرانية هم اليهود إذ دخلوا فيها وحرفوا معانيها ، ولقد كانوا في موضع الشك عند أصحاب عيسى عليه السلام وخدعوا القليل منهم ، ومن ذلك ما جاء في أعمال الرسل "وَلَمَّا جَاءَ شَاوُلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، حَاوَلَ أَنْ يَلْتَصِقَ بِالتَّلاَمِيذِ، وَكَانَ الْجَمِيعُ يَخَافُونَهُ، غَيْرَ مُصَدِّقِينَ أَنَّهُ تِلْمِيذٌ. (27) فَأَخَذَهُ بَرْنَابَا وَأَحْضَرَهُ إِلَى الرُّسُلِ، وَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ أَبْصَرَ الرَّبَّ فِي الطَّرِيقِ، وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ، وَكَيْفَ جَاهَرَ فِي دِمَشْقَ بِاسْمِ يَسُوعَ. (28) فَكَانَ مَعَهُمْ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُجَاهِرُ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. (29)" [أعمال الرسل (ع 27- 29)].

وفي مجمع نيقية سنة 325 بعد الميلاد قرروا بأن عيسى عليه السلام إله ، وحدث ذلك على كره من الأغلبية العظمى من رجال الكنيسة. 

وحفاظا علينا من التفرق والانحراف قال رسول الله : لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ  [رواه البخاري]

أهل الإنصاف من النصارى

لقد حارب أريوس كنيسة الإسكندرية في مصر لأنهم يعتقدون بألوهية المسيح عليه السلام ولقد قال في بيان مقالته ابن البطريق "كان يقول أن الآب وحده الله ، والابن مخلوق مصنوع ، وقد كان الآب إذ لم يكن الابن" 

وكذلك لما أراد لوثر (زعيم البروتستانت) تنقية المسيحية ثار على الكنيسة وخَلفه أتباعه ، لذلك أطلق عليهم البروتستانت أي المحتجين ، ولقد صحح لوثر كثير من انحرافات النصرانية وقال بتوحيد الألوهية ، حتى قال عنه الشيخ محمد محمد أبو زهرة ما معناه أن لوثر كان قريبا من تصحيح النصرانية لو تابع بحثه بتجرد.

وكذلك ميخائيل سيرفيتوس، الطبيب وعالم الدين الكاثوليكي، حاول أن يجدد المسيحية من خلال التأكيد على أن عقيدة التثليت ليست من تعاليم الله ولا السلف الأوائل للمسيحية، بل من تعاليم الفلاسفة اليونان التي دخلت إلى المسيحية وحرفتها، وأنها عقيدة أبعدتهم عن بقية الموحدين مثل المسلمين، فاتهم " بقراءة القرآن الكريم"، وتم إعدامه حرقًا في جنيف عام ١٥٥٣م. والعجيب أن علماء الكاثوليك وعلماء البروتستانتية اتفقوا على قتله واختلفوا في طريقة ذلك، فالكاثوليك وهم الأغلبية أيدوا قتله بالحرق وبعض البروتستانت أيدوا قتله بالسيف. وقد ألف ميخائيل سيرفيتوس أكثر من كتاب في نقد عقيدة التثليث، وبين أن تلك العقائد من عمل الشيطان، فاتهم بالزندقة والمروق من الدِّين، وسجن وتعرض للتعذيب مع مرضه وتعبه، ثم أعدم حرقًا، وجمعت كتبه وأحرقت كذلك.

رسالة لأهل الكتاب

هل من باحث عن الحق يا أهل الكتاب ، "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ "

لا تنسوني من صالح دعائكم
 جزاكم الله خيرا.
مرحباً بكم أنا محمد عبدالقادر باحث في كلية الدرسات العليا جامعة الأزهر بالقاهرة، درست علم نفس، و تاريخ، ومنطق قديم ، وفلسفة ،وشاركت في دورات تأسيس الوعي الإسلامي، ودرست الملل والنحل والرد على الشبها…

تعليقان (2)

  1. ربنا يوفقك
    1. اللهم آمين ، وإياكم