هل عدم تغطية الوجه مُباح؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى من تبعه إلى يوم الدين، وبعد.
أولاً: الحكم إجمالاً:
اختلف العلماء في النقاب، فمنهم من قال إنه مستحب، ومنهم من قال إنه مباح، ومنهم من قال إنه فرض، والذي أراه صحيح بعد مُدَارسة الأدلة والعلم عند الله أن النقاب ليس فرضاً بل هو مستحب هذا إذا لم يكن النظر بشهوة، فإن كان بشهوة فلا يجوز النظر إتفاقا سواء كان المنظور إليه ذكرا أو انثى.
ونصيحة لك
نحن الآن في عصر الفتن والأسلم لك ارتداء النقاب طالما لا يضرك، كما أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كن يرتدينه، وهذا هو الاكمل.
ثانياً: الحكم تفصيلاً:
الإمام أبي حنيفة
مذهب الإمام أبي حنيفة أن النقاب ليس فرضاً.
يقول محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الأصل (٢/ ٢٣٥-٢٣٦): (أما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها، ولا حرمة، ممن يحل له نكاحها: فليس ينبغي له أن ينظر إلى شيء منها مكشوفا؛ إلا الوجه والكف، ولا بأس أن ينظر إلى وجهها وإلى كفها، ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها، وهذا قول أبي حنيفة.
وحكم النقاب في المشهور عند المالكية -بالنسبة للمرأة- الاستحباب، وليس فرض.
جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل عند قوله: (وَمَعَ أَجْنَبِيٍّ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ".. قَالَ عِيَاضٌ: فِي هَذَا كُلِّهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ حُجَّةٌ، أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ تَسْتُرَ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ وَسُنَّةٌ لَهَا، وَعَلَى الرَّجُلِ غَضُّ بَصَرِهِ عَنْهَا.
وهناك نصوص ظاهرة عن الإمام مالك منقولة عنه في المدونة والعتبية على أن الوجه والكفين ليسا بعورة.
الإمام الشافعي
قال الإمام الشافعي في الأم (1/109): «وعورة الرجل ما وصفت، وكل المرأة عورة؛ إلا كفيها ووجهها»، ونقل المزني عن الشافعي أنه فسر الآية {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، بأنها الوجه والكفان.
الإمام أحمد بن حنبل
قال الشيخ الألباني في كتابه "الرد المفحم" (جاء في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل للشيخ علاء الدين المرداوي 1/452، قال: الصحيح في المذهب أن الوجه ليس من العورة).
وقال شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب:
قال: «النقاب ليس فرض، ولا سنة، ولا مندوب، لكنه ليس ممنوع فهو أمر مباح».
(المباح: هو لذي لا يُثاب فاعلهُ ولا يُؤثم تاركه)
لجنة الفتوى الرئيسية بالجامع الأزهر الشريف:
تقول بأن النقاب ليس عادة، وإنما هو يقع في دائرة المباح، وقد يرقى إلى ما فوق ذلك لمن ترى من النساء فيه مصلحةً دينيةً لها؛ كسد لذريعة، أو درء لفتنة.
من قالوا بوجوب النقاب:
قالت طائفة من أهل العلم أن النقاب واجب واستدلوا بأدلة أقواها قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِي قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب: 59]
رد عليهم طائفة من أهل العلم فقالوا: هذه الآية متكاملة مع قوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} حيث حددت ما يجب أن ترتديه المرأة المسلمة بحيث يحجب جسدها كله، فلا ينكشف منه إلا ما قضت به حاجة التعامل -وهو الوجه والكفان - إلا أن يكون إنما ينظر إلى ذلك اشتهاء منه لها، فإن كان ذلك، فليس ينبغي له أن ينظر إليه.
فقالوا: قوله تعالى في سورة النور (إلا ما ظهر منها) فأظهر الأقوال في تفسيره: أن المراد ظاهر الثياب كما هو قول ابن مسعود رضي الله عنه، أو ما ظهر منها بلا قصد كأن ينكشف شيء من جسدها بفعل ريح أو نحو ذلك.
فردوا عليهم بقول ابن عباس، في قوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال: الظاهر منها: الكَحِل والخدان.
حد الوجه
حد الوجه: من منبت الشعر إلى أسفل الذقن، وما بين شحمتي الأذنين بحيث لا يظهر شيء من الشعر ولا القرط -الحلق- ولا الأذن ولا شيء من العنق.
ولا يجوز أن يكون الثوب مظهرًا لما تحته، ولا ضيقا وصافا يفصل أجزاء الجسد، ولا لافتاً للنظر بلون أو تفصيل يسترعى أنظار الآخرين، ويدخل في حكم التبرج المنهى عنه في القرآن الكريم {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى}
جزاكم الله خيرا
لا تنسوني من صالح دعائكم